إطلاق تجريبي
9
منذ سنتين
أصول الفقه يعرف باعتبارين:
الأول: باعتبار مفرديهِ: أي باعتبار كلمة أصول, وكلمة فقه.
فالأصول: جمع أصل, وهو ما يبني عليه غيره, ومن ذلك أصل الجدار وهو أساسه, وأصل الشجرة الذي يتفرع أغصانها قال الله تعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ "
والفقه لغة: الفهم, ومنه قوله تعالى: " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي "
واصطلاحاً: معرفة الأحكام الشرعية العلمية التفصيلية.
فالمراد بقولنا: معرفة هو العلم والظن, لأن إدراك الأحكام الفقيهة قد يكون يقينيا, وقد يكون ظنياً, كما في كثير من مسائل الفقه.
والمراد بقولنا: ( الأحكام الشرعية), الأحكام المتلقاة من الشرع, كالوجوب والتحريم, فخرج به الأحكام العقلية, كمعرفة أن الكل أكبر من الجزء والأحكام العادية, كمعرفة نزول الطل في الليلة الشاتية إذا كان الجو صحواً.
والمراد بقولنا: (العملية), ما لا يتعلق بالاعتقاد, كالصلاة والزكاة, فخرج به ما يتعلق بالاعتقاد, كتوحيد الله ومعرفة أسمائه وصفاته, فلا يسمى ذلك فقهاً في الاصطلاح.
والمراد بقولنا: ( بأدلتها التفصيلية ), أدلة الفقه المقرونة بمسائل الفقه التفصيلية, فخرج به أصول الفقه, لأن البحث فيه إنما يكون في أدلة الفقه الإجمالية.
الثاني: باعتبار كونه, لقباً لهذا الفن المعين, فيعرف بأنه: علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد.
فالمراد بقولنا: ( الإجمالية ), القواعد العامة مثل قولهم: الأمر للوجوب والنهي للتحريم والصحة تقتضي النفود, فخرج به الأدلة التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة.
والمراد بقولنا: ( وكيفية الاستفادة منها ), معرفة كيف يستفيد الإحكام من أدلتها بدراسة أحكام الألفاظ ودلا لاتها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ وغير ذلك, فإنه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها.
والمراد بقولنا: ( وحال المستفيد ), معرفة حال المستفيد وهو المجتهد, سمي مستفيداً, لأنه يستفيد بنفسه الإحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد, فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمة ونحو ذلك يبحث في أصول الفقه.
فائدة أصول الفقه:
إن أصول الفقه علم جليل القدر, بالغ الأهمية, غزير الفائدة.
فائدته: التَّمكُّن من حصول قدرة يستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على أسس سليمة.
وأول من جمعه كفنٍ مستقل الإمام الشافعي محمد بن إدريس رحمه الله, ثم تابعه العلماء في ذلك, فألفوا فيه التأليف المتنوعة, ما بين منثور, ومنظوم, ومختصر, ومبسوط حتى صار فنَّا مستقلاًّ, له كيانه, ومميزاته.
من كتاب الأصول من علم الأصول لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
تحميل كتاب الأصول من علم الأصول PDF
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor