إطلاق تجريبي
2
منذ سنة
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على سيدِنا محمّد وعلى آله وصحبِه ومن والاه.
أمَّا بعدُ: فإنَّ كتابَ «المنتقى من السنن»، للإمام أبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري المتوفى مجاورًا بمكةَ حرسها الله سنة 407هـ، معدودٌ في المصنّفات التي التزم أصحابُها الصِّحةَ، وقد نقل الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» أنَّ ابن عبد البر وغيرَه من أهل العلم سمّوه «صحيحًا»[1]، وهو - بحقٍّ - كما قال الحافظ شمس الدين الذهبي: «لا ينزل فيه عن رتبة الحسن أبدًا إلا في النادر في أحاديث يختلف فيها اجتهاد النقاد»[2].
وللوقوف على ترجمة ابن الجارود ومنهجه في تصنيف كتابه «المنتقى»، يمكن الرجوع إلى الدراسة المفيدة التي كتبها الدكتور محمد بن عبد الكريم بن عبيد ونشرها سنة 1432هـ / 2011م على صفحات شبكة الألوكة، وله أيضًا كتاب مطبوع بعنوان: «الإمام الحافظ عبد الله ابن الجارود النيسابوري وأثره في السنة النبوية»، صدر عن دار إمام الدعوة بالرياض سنة 1426هـ، وللدكتور عاصم بن عبد الله القريوتي بحث بعنوان «منهج الإمام المحدِّث الناقد ابن الجارود النيسابوري ت 307هـ في كتابه المنتقى».
وفي هذا المقال المختصر أعرِّف بأصولِ الكتاب الخطية، وطبعاتِه التي أصدرتها المطابع على طول تاريخها، حتى اليوم:
أمَّا عن الأصول الخطية لكتاب «المنتقى»:
فأقول: بعد البحث والمطالعة والنظر في كتب فهارس المخطوطات، والبحث على شبكة المعلومات، والنظر في مقدمات الطبعات المختلفة للكتاب = تبين أنَّه ليس لكتاب «المنتقى»، لابن الجارود - فيما يظهر - غير أصلٍ خطي واحد محفوظ بالمكتبة السعيدية في مدينة حيدر آباد بالهند، انتشر منه نسخة مصورة على شبكة المعلومات، وتقع هذه النسخة المصورة في (117 لوحة) مائة وسبعة عشر لوحة، ينقصها أربع لوحات، وهذه اللوحات الأربعة موجودة في الطبعة الهندية القديمة التي طُبعت عن نفس الأصل، ولستُ أدري هل فُقِدت هذه اللوحات من النسخة الأصلية لمخطوطة الكتاب بعد أن صدرت عنه الطبعة الهندية، أم أن النقص موجود في النسخة المصورة على الأصل والتي تم تداولها بين الباحثين، وهذه النسخة بخط العلَّامة ابن فهد: محمد بن محمد بن محمد بن أبي الخير: محمد بن فهد، المتوفى 885هـ، نسخها في ستة أيام متوالية، آخرها: يوم الأحد 20 جمادى الأولى سنة 847هـ بمكة المشرَّفة تجاه الكعبة المعظمة حرسها الله.
وأمَّا عن طبعات الكتاب:
فقد صدر للكتاب عدَّة طبعات على النحو التالي:
الطبعة الأولى: وهي أقدمها طبعة حجرية صدرت في حيدر آباد بالهند سنة 1315 ﻫ، في (504 صفحة)، باسم: «المنتقى من السنن المسندة عن سيدنا المصطفى».
الطبعة الثانية: صدرت في القاهرة سنة 1382هـ / 1963م. في (384 صفحة)، في مطبعة الفجالة الجديدة، وهي طبعة حسنة مصححة ومضبوطة قام بخدمتها السيد عبد الله هاشم يماني، مع تخريج وجيز لأحاديثه سماه: «تيسير الفَتَّاح الوَدُود في تخريج المُنْتَقَى لابن الجارود»، ولم يَذكر اليَمَانِي أَصْلَه المُعتمد في هَذه النَّشْرَة، ولا أشار إِلى نُسخِه المخطوطة، والغَالب أنَّه اعتمد على الطبعة الهِنْدية، كعادة الشيخ اليماني في إخراج الكتبِ وطباعتها.
ثم طُبِع الكتاب في بيروت عدَّة طبعات تجارية سقيمة كلّها مأخوذة – في ظنِّي – عن الطبعتين السابقتين، وهي:
الطبعة الثالثة: طبعة دار القلم، بيروت، حققه وعلق عليه ووضع فهارسه لجنة من العلماء بإشراف الناشر، راجعه خليل الميس، سنة 1407هـ /1987م. في (418 صفحة).
الطبعة الرابعة: طبعة مؤسسة الكتب الثقافية ودار الجنان، بيروت، تحقيق عبد الله عمر البارودي، سنة 1408هـ / 1988م. في (335 صفحة).
الطبعة الخامسة: طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، وبهامشها: «اتحاف أهل التقى بتخريج أحاديث المنتقى»، وضع مسعد بن عبد الحميد السعدني، سنة 1417هـ، في (429 صفحة).
الطبعة السادسة: طبعة الشيخ أبي إسحاق حجازي بن محمد شريف الحويني - حفظه الله - وكان قد شرع في تخريج أحاديث الكتاب سنة 1402هـ معتمدًا على طبعة الشيخ عبد الله هاشم يماني، وطبع هذا التخريج سنة 1408هـ / 1988م في مطبعة دار الكتاب العربي، ببيروت، تحت اسم: «غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود»، وقد وقع في هذه الطبعة كثيرٌ من التَّحريفاتِ الطباعية والسقوط، كما نبَّه على ذلك الشيخ الحويني نفسه في مقدمة تحقيقه لكتاب المنتقى فيما بعد وفي مقدمة كتاب «لؤلؤ الأصداف بترتيب المنتقى على الأطراف».
ثم تيسر للشيخ الحويني - حفظه الله - أثناء وجوده في دولة البحرين في الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة 1427هـ الموافق للعشرين من شهر يونيه سنة 2006م = الوقوف على نسخة خطية لكتاب المنتقى وعليها أعاد نشر الكتاب مرَّة أخرى باسم: «المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم»، في دار التقوى بالقاهرة سنة 1428هـ / 2007م.
ثم رتَّبه على الأطراف على طريقة المزي - رحمه الله - في "تحفة الأشراف"، وسماه: "لؤلؤ الأصداف بترتيب المنتقى على الأطراف"، طبع سنة 1430هـ / 2009م بدار التقوى بالقاهرة.
وللشيخ الحويني شرح على الكتاب فيه تخريجاتٌ حديثية موسَّعةٌ مع مباحث فقهية على طريقة الحافظ العراقي وابنه أبي زرعة في "طرح التثريب"، وقد سماه: "تعلة المفؤود بشرح منتقى ابن الجارود"، لم يتمه وقد ذكره في مقدمة تحقيقه لكتاب «المنتقى»، وفي مقدمة كتاب "لؤلؤ الأصداف"، ثم بدا له أن يطبع التَّخريجات مستقلة باسم: «عُدَّة أهل التقى بتخريج أحاديث المنتقى»، وكلا الكتابين لم يطبع حتَّى الآن حسب علمي.
الطبعة السابعة = طبعة دار التأصيل:
وأخيرًا قامت دار التأصيل لصاحبها الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله العقيل بتحقيق الكتاب على صورةِ النُّسخةِ الخطية الوحيدة للكتاب والمحفوظة بالمكتبة السعيدية بمدينة حيدر آباد بالهند والتي تقع في 117 لوحة سقط منها أربع لوحات تم استدراكها بمقابلة الكتاب على الطبعة الحجرية المطبوعة في الهند عن نفس النسخة الخطية للكتاب.
ولا شك أن هذه الطبعة هي أفضل طبعات الكتاب من جهة تحقيق نص الكتاب وأنَّها استفادت من الطبعات السابقة عليها، وأضافت إليها الكثير من الفوائد والتصويبات، ويبقى لعمل الشيخ الحويني - حفظه الله - قيمتُه من جهة تخريج الأحاديث والحكم عليها.
وصلّى اللهُ على عبدِه ورسولِه محمّد وآله وصحبِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
[1] «اتحاف المهرة» (1 /159).
[2] «سير أعلام النبلاء» (14 / 239).
-------------------------------------------
المصدر: شبكة الألوكة
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor