إطلاق تجريبي
9
منذ سنتين
عنوان هذا الكتاب بالإنجليزية : Heroes and Horship وترجمته البطولة وعبادة الأبطال
وضعه الكاتب الأشهر, والفيلسوف "توماس كارليل" وعربه "محمد السباعي". ويحتوي على خمس محاضرات, ألقاها الكاتب على بني قومه
من ضمنها المحاضرة التي نحن بصدد الحديث عنها, والتي تحمل اسم البطل في صورة رسول: محمد - الإسلام. والتي وضعت في كتاب كامل يحمل اسم "محمد المثل الأعلى".
وأهمية ما كتبه توماس كارليل منذ هذا الوقت البعيد تكمن في تجرده وموضوعيته الواضحة في مؤلفه, وغيرته على الحقيقة التاريخية, ورفضه للأحكام السابقة والمتحيزة, وفي دراسته لسيرة الرسول صلى الله علية وسلم وللفترة المرافقة لنزول الوحي, وبدء الدعوة الإسلامية. وردة على تهجمات بعض الغربيين على الإسلام ونبيه, وهم الذين طالما ألصقوا التهم الباطلة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالدين الحنيف.
ويؤمن فيلسوف الغرب كارلايل بأهمية الدين في حياة البشر, ودوره الكبير في تشكيل تاريخهم. فما التاريخ إلا تاريخ الأفكار التي صاغت حياة الناس, وإن تاريخ البشر هو تاريخ عظماء الرجال الذين صاغوه وتاريخ الأفكار التي بثوها في الناس.
يقول في ذلك:
"في اعتقادي أن التاريخ العام, تاريخ ما أحدث الإنسان في هذا العالم إنما هو تاريخ من ظهر في الدنيا من العظماء, فهم الأئمة, وهم المكيِّفون للأمور, وهم الأسوة والقدوة, وهم المبدعون لكل ما وفُق إليه أهل الدنيا, وكل ما بلغه العالم, وكل ما تراه قائماً في هذا الوجود كاملا متقناً, فاعلم انه نتيجة أفكار أولئك العظماء, الذين اصطفاهم الله, وأرسلهم إلى الناس ليؤدي كل ما ناطته به القدرة الإلهية من الخير, فروح تاريخ العالم إنما هو تاريخ أولئك الفحول.
صفات الرجل العظيم كما حددها كارلايل في كتابه "محمد المثل الأعلى":
1- إخلاص الرجل الكبير, رجل صادق النية, جاد مخلص. إن الإخلاص - الإخلاص الحر, العميق الكبير - هو أول خواص الرجل العظيم.
2- الصدق وحب الخير, إنه من المحال أن يكون كاذباً, فإني أرى الصدق أساسه, وأساس كل ما به من فضل.
3- إن الرجل الكبير لا يفخر بإخلاصه أبداً, ولا يتحدث به مطلقاً.
4- أصالة الرجل العظيم, وصفاء جوهره, وكريم عنصره, فقد علّمه الله العلم والحكمة, فوجب علينا ان نُصغي إليه.
5- يرى الوجود حقيقة كبرى, تروعه وتهوله حقيقة لا يستطيع أن يهرب من جلالها الباهر, وتظل هذه الحقيقة كل لحظة بين جنبيه, ونصب عينيه.
6- يرى باطن كل شيء, لا يحجب عنه ذلك باطل الاصطلاحات, وكاذب الاعتبارات والعادات والمعتقدات, وسخف الأوهام والآراء. وإن الحقيقة لتسطع لعينه سطوع الشمس في رابعة النهار.
لماذا انبهر الفيلسوف الإنجليزي "كارلايل" بشخصية محمد صلى الله عليه وسلم
يذكر كارلايل بشكل صريح "الحقيقة الكبرى" وهي انه رجل صادق ونبي مرسل.
ويقول أيضاً
"كلا, ما محمد بالكاذب, ولا الملفق, وإنما هو قطعة من الحياة, قد تفطَّر عنها قلب الطبيعة, فإذا هي شهاب قد أضاء العالم. ذلك أمر الله, وذلك فضل الله, يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم"
ويمكن ان نحدد أسباب إعجاب كارليل بشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما يلي:
1- أمية محمد, وانه لم يعلمه بشر, وإنما نشأ وعاش وحده في أحشاء الصحراء, فلم يعرف من العالم, ولا من علومه إلا ما تيسر له أن يبصره بنفسه, أو يصل إلى سمعه, في ظلمات صحراء العرب. ولم يضره ولم يزر به أنه لم يعرف علوم العالم, لا قديمها, ولا حديثها, لأنه كان بنفسه غنياً عن كل ذلك. ولم يقتبس محمد من نور أي إنسان آخر, ولم يغترف من مناهل غيره.
2- صدق محمد وأمانته التي اتصف بها منذ حداثته, ووفاؤه النادر, وإخلاصه لعشرائه, واتصافه بالمروءة والشرف.
3- إيثاره للصمت, وبعده عن التكلف, فإذا نطق .. نطق بالحكمة البالغة, وفصل الخطاب, بعيداً عن التلاعب بالأقوال, والقضايا المنطقية, والعبث بالحقائق.
4- كان رجلاً راسخ المبدأ, صارم العزم, بعيد الهم, كريماً براً, رؤوفا تقياً, فاضلاً حراً, رجلاً شديد الجد مخلصاً, عظيم النفس, وما كان بعابث قط, ولا شاب شيئاً من قوله شائبة لعب ولهو.
5- كان سهل الجانب, ليَّن الجانب, جمُّ البشر والطلاقة, حميد العشرة حلو الإيناس, بل ربما مازح أصحابه, وداعب أزواجه.
6- كان محمد جميل الوجه, وضئ الطلعة, حسن القامة, زاهي اللون له عينان سوداوان تتلألآن. تضيئ وجهه ابتسامة مشرقة, من فؤاد صادق.
7- كان ذكي اللب, شهم الفؤاد, ممتلئاً ناراً ونوراً, رجلا عظيماً بفطرته, لم تثقفه مدرسة, ولا هذّبه معلم, وهو غني عن ذلك.
8- كان حاد الطبع, ناري المزاج, ولكنه كان عادلاً, صادق النية, مملوء رحمة وخيراً, وحناناً وبراً.
9- تواضعه, فلم يكن متكبراً, ولم يكن ذليلاً ضرعاً, بل هو قائم في ثوبه المرفع, كما أوجده الله, وكما أراد, يخاطب بقوله الحر المبين قياصرة الروح, وأكاسرة الفرس, ويرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة, وللحياة الآخرة.
10- كان زاهداً متقشفاً في مسكنه, ومأكله, ومشربه, وملبسه, وسائر أموره وأحواله. وكان طعامه عادة الخبز والماء, وربما تتابعت الشهور ولم توقد بداره نار, وكان يصلح نعله, يرفوا ثوبه بيده.
ولكل هذه الصفات وغيرها, رمى كارلايل أعداء محمد والطاعنين عليه بأنهم "الأفاكون, الجهلة, الكفار, أصحاب الأضاليل والأباطيل". وأعلن لنبي قومه دخيله نفسه, فقال:
"وإني لأحب محمداً, لبراءة طبعه من الرياء والتصنع, ولقد كان ابن القفار هذا رجلاً مستقل الرأي, لا يُعوِّل إلا على نفسه, ولا يدَّعي ما ليس فيه".
تحميل كتاب محمد المثل الأعلى pdf اضغط هنا
Powered by Froala Editor
Powered by Froala Editor